- توقعات بأن تساهم المركبات ذاتية القيادة في الإمارات العربية المتحدة في الحد من الازدحام المروري وما يترتب عليه من تأخير بنسبة 60 بالمئة.
- يسلط الرئيس التنفيذي لشركة “وي رايد” الضوء على رؤية الإمارات كمركز عالمي لتقنيات القيادة الذاتية من الجيل التالي.
- تجريب أنظمة المركبات ذاتية القيادة في الإمارات يتم بدعم قوي من المبادرات الحكومية وبالتعاون مع جهات القطاع الخاص، مما يشير إلى وجود منظومة قوية ومستدامة لعمليات التطبيق المستقبلية.
نشرت آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، عدداً جديداً من سلسلة مجلة “التنقل الذاتي – Autonomous Mobility Journal”، أشارت فيه إلى التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التنقل الذاتي. وبفضل البرامج التجريبية الناجحة والالتزام الراسخ بالابتكار، تعمل الدولة على بناء منظومة فعالة للتنقل تتسم بالتوازن بين الكفاءة التشغيلية وأهداف الاستدامة.
كما أشار العدد الجديد للمجلة إلى بروز التنقل الذاتي بشكل سريع كقوة تحولية على مستوى أنظمة التنقل العالمية خلال العقد المنصرم، إلا أن التوسع في استخدام هذه التقنيات لتلبية احتياجات الواقع لا يزال يواجه تحدياتٍ كبيرة نظراً لتعقيدات البنية التحتية والعقبات التنظيمية والتكاليف التي أدت إلى إبطاء وتيرة التقدم على المستوى العالمي.
وعلى الرغم من تلك التحديات، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تبوأت مكانة رائدة في هذا المجال، وحولت مدنها إلى مراكز للتميز في مستقبل قطاع النقل. فعن طريق دمج البنية التحتية المتقدمة مع الشراكات الاستراتيجية، ترسخ دولة الإمارات العربية المتحدة معياراَ يحتذى به في تبني الأنظمة ذاتية القيادة.
وعلى الصعيد العالمي، يسلط التقرير الضوء أيضاَ على التطورات الحاصلة، مثل: العمليات التشغيلية المكثفة لسيارات الأجرة ذاتية القيادة لشركة بايدو في الصين، التي أجرت أكثر من 800 ألف رحلة في الربع الرابع من 2023، وقد كانت نسبة 45 بالمئة منها دون سائق بالكامل، ورحلات شركة وايمو دون سائق في الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى مدى تنافس الدول لتوسيع آفاق التنقل الذاتي.
وصرح سمير عمران، الشريك في قسم ممارسات قطاع السفر والتنقل والضيافة لدى شركة آرثر دي لتل الشرق الأوسط، في معرض حديثه عن نتائج العدد الجديد للمجلة: “تجسد الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التنقل الذاتي رؤيتها الطموح التي تجمع بين الابتكار والتنفيذ الناجح. وتبين بوضوح كيف أن الأُطر التنظيمية الاستشرافية والاستثمارات في البنية التحتية تعد عنصرا حيوياً في بناء منظومة تنقل مستقبلية متكاملة سواء من خلال أُطرها التنظيمية المتقدمة أو استعدادها لتبني التقنيات الحديثة، تقدم دولة الإمارات نموذجاً يحتذى به في كيفية تحويل التنقل الذاتي إلى واقع ملموس”.
وأدت شركة “وي رايد – WeRide” الرائدة في تقنيات المركبات ذاتية القيادة دوراً حيوياً في دفع عجلة التطور في المنطقة. فقد قال توني هان الرئيس التنفيذي لشركة وي رايد خلال مقابلته مجلة “التنقل الذاتي” متحدثًا عن تجربة وي رايد في الشرق الأوسط: “تتمثل العوامل الأساسية لنجاح تطبيق المركبات ذاتية القيادة في توفر الربط اللوجستي، والتقنية المتطورة، والتمويل الكافي، والقدرة على التسويق، والأُطر التنظيمية المناسبة”. وأكد على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف، وأضاف: “إن ضمان استقرار وموثوقية نظام القيادة الذاتية، وتحقيق التكامل الفعال بين البرامج والأجهزة، يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية في سلسلة الصناعة، لا سيما المراحل الأولى من تصميم المركبات”.
تحولت دبي وأبوظبي إلى ساحتين رئيسيتين لاختبار تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة. ففي دبي، قادت هيئة الطرق والمواصلات، بالتعاون مع شركة “كروز”، سلسلة من التجارب الناجحة لمركبات الأجرة ذاتية القيادة، وهو ما يثبت إمكانية دمج هذه التقنيات في البيئات الحضرية المُعقَّدة. وفي الوقت نفسه أكدت أبوظبي على الابتكار في مجال النقل العام مع حافلات “وي رايد” ذاتية القيادة، التي أدت دوراً محورياً في مواجهة تحديات الربط اللوجستي في الميل الأخير وتخفيف حدة الازدحام المروري.
وسلط توني هان، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “وي رايد خلال المقابلة التي أجراها مع مجلة “التنقل الذاتي” الضوء على الشراكة مع شركة بيانات في أبوظبي لخدمات سيارات الأجرة ذاتية القيادة وكيف تدعم التطورات التنظيمية في المنطقة/ دولة الإمارات العربية المتحدة التنفيذ التدريجي لحلول التنقل الذاتي.
ويبشر التنقل الذاتي في منطقة الشرق الأوسط بتحقيق مكاسب اقتصادية وبيئية كبيرة. فمن شأن التقنيات المستخدمة في هذا المجال أن تساهم في الحد من الازدحام المروري وما يترتب عليه من تأخير بنسبة 60 بالمئة. كما يتماشى تبني الأنظمة ذاتية القيادة مع أهداف التنمية المستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة المتمثلة في خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الكفاءة الحضرية. وتؤدي الأُطر التنظيمية التجريبية التي تتبناها دولة الإمارات دوراً محورياً في تحقيق هذه التطورات، إذ توفر بيئة تعاون مثمرة تجمع بين المبتكرين من القطاع الخاص مع الجهات الحكومية لتجربة هذه التقنيات الجديدة.
ويشهد العالم توجهاً متزايداً نحو تبني الحافلات والشاحنات ذاتية القيادة بهدف التغلب على العجز في الأيدي العاملة وتحسين الكفاءة. وتقدم التجارب التي أُجريت في كل من النرويج، وسنغافورة نماذج لحلول قابلة للتطوير، إذ تشير الدراسات إلى أن الحافلات ذاتية القيادة قادرة على خفض تكاليف التشغيل بنسبة 45 بالمئة وتأخيرات الازدحام بنسبة 60 بالمئة.
وذكر حسن خيرت مدير مشروعات في قسم ممارسات السفر والنقل والضيافة لدى شركة آرثر دي لتل الشرق الأوسط: “تحولت دبي وأبوظبي إلى مختبرين حيين لتكنولوجيا التنقل الذاتي. ويؤكد العدد الجديد من هذه المجلة أن مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة لا تقتصر على كونها إنجازات محلية فحسب، وإنما تساهم إسهاماً فعالاً في تطوير حلول التنقل الذكي على مستوى العالم. إن تركيز دولة الإمارات على اختبار التقنيات الحديثة وإقامة شراكات مع رواد الابتكار العالميين يعزِز من مكانتها الريادية في رسم ملامح مستقبل قطاع النقل”.
وفي ظل استمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في ريادة قطاع التنقل الذكي، فإن جهودها تقدم نموذجاً يُحتذَى به للمناطق الأخرى، كما تُمهِّد قدرة الدولة على الجمع بين بنية تحتية متطورة ورؤية طموح وشراكات فعَّالة الطريقَ لمرحلة جديدة من قطاع النقل. كما يتواءم هذا التوجه مع التحولات العالمية في التمويل المُوجَّه نحو تطبيقات مُحددة للمركبات ذاتية القيادة، مثل: خدمات التوصيل للميل الأخير والخدمات اللوجستية للميل المتوسط، التي تشهد إقبالًا متزايدًا في أمريكا الشمالية وآسيا.