بدأت اليوم في العاصمة الفرنسية باريس فعاليات مبادرة “الأسبوع العربي في اليونسكو” التي تنظمها المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع المجموعة العربية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.
وقد شهد الحدث حضور ممثلي الوفود الدائمة للدول العربية في اليونسكو، بالإضافة إلى عدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي من الدول العربية والعالمية في فرنسا، إلى جانب مجموعة من المسؤولين والقياديين في اليونسكو.
وقد افتتحت أعمال هذه المبادرة، التي تُعتبر الأولى من نوعها على المستوى العربي منذ أكثر من خمسين عاماً، سعادة لينا الحديد، سفيرة المملكة الأردنية الهاشمية لدى فرنسا ورئيسة المجموعة العربية في اليونسكو. وأكدت سعادتها أن هذا الحدث يمثل فرصة لتسليط الضوء على التراث الثقافي الغني للعالم العربي الذي يمتد لقرون، مشيرة إلى التاريخ العريق للعرب في مجالات العلوم والفلسفة والأدب والفنون.
وقالت: “على مدار يومين من فعاليات هذه المبادرة الإثرائية، ستتحول اليونسكو إلى لوحة خالدة تعكس التراث المتنوع للعالم العربي، وتراث مليء بحكايات الحكمة والفنون التي تشكل هويتنا وتستمر أصداؤها عبر الأجيال. من ابن بطوطة، المسافر الدؤوب الذي استكشف زوايا العالم الخفية، إلى ابن النفيس، المعالج صاحب الرؤية الذي كشف أسرار القلب البشري، ومن عنترة بن شداد، الشاعر الشجاع الذي تغنت أشعاره بالشجاعة والحب، إلى جورج طرابيشي، المفكر المعاصر الذي ربط بين عوالم الفكر والتأمل”. وأشارت إلى أن هذه الأسماء ليست سوى خيوط في النسيج الواسع والملون للحضارة العربية.
الأسبوع العربي في اليونسكو” في باريس
وأضافت سعادة رئيسة المجموعة العربية: “في تكريمنا لهذا الإرث، نتذكر أن العالم يصبح استثنائيًا من خلال تداخل الثقافات والأحلام المشتركة والقيم التقليدية. فلنجتمع للاحتفال بهذا الجمال، ونربط الماضي بالحاضر، ونجدد آمالنا في عالم غني بالتنوع والوحدة”.
أكدت السفيرة الأردنية أن هذا الحدث يمثل شهادة على قوة ووحدة المجموعة العربية، التي تجمعها التزامات لتعزيز مهمة اليونسكو. وخاطبت ضيوف “الأسبوع العربي في اليونسكو” قائلة: “آمل أن تستشعروا روح الأسبوع العربي من خلال الطعام الذي تتناولونه، والموسيقى التي تستمعون إليها، والفن الذي تشاهدونه. أتمنى لكم جميعًا الاستمتاع بهذا الاحتفال واكتشاف ما تقدمه منطقتنا الرائعة، وآمل أن تترك هذه التجربة ذكريات دافئة في قلوبكم”.
كما أعربت سعادة لينا الحديد، خلال تدشين مبادرة “الأسبوع العربي في اليونسكو”، عن شكر المجموعة العربية لدى اليونسكو للمملكة العربية السعودية على مبادرتها القيمة، ولصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، على جهوده ودعمه في إنجاح هذا الحدث الاستثنائي الذي تنظمه الدول العربية، وسط حضور ثقافي متميز من مختلف أنحاء العالم.
انطلقت اليوم فعاليات الأسبوع العربي في اليونسكو، لتكون منصة ملهمة تعكس الثقافة العربية على الساحة العالمية. يهدف هذا الحدث إلى تحقيق تأثير حقيقي يعزز التعاون عبر الحدود الجغرافية، ويفتح آفاق الشراكة الثقافية بين الدول العربية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع محيطها الخارجي من خلال منظمة اليونسكو، التي تُعتبر مركزًا عالميًا للثقافة.
تشمل فعاليات الأسبوع العربي في اليونسكو 22 ركنًا تمثل الدول العربية، حيث تُبرز كل دولة موروثها الثقافي وتراثها وتاريخها وجوانب من حضارتها. كما تتيح هذه الأركان فرصة التفاعل مع الزوار والتواصل مع الجمهور، مما يسهم في تعزيز العلاقات الثقافية بين المشاركين وضيوف الفعالية من مختلف أنحاء العالم.
الثقافة السعودية
تتضمن أعمال المبادرة تنظيم 7 ندوات تتناول مواضيع متنوعة تشمل اللغة، الخط، الأدب العربي، الذكاء الاصطناعي، التعليم، الفن التشكيلي، التراث الثقافي غير المادي، والتراث العالمي. تشارك في هذه الندوات مؤسسات أكاديمية وخبراء ومتخصصون من مجالات التربية والثقافة والعلوم، بهدف الوصول إلى مجموعة من الأفكار الطموحة المستندة إلى أبحاث عميقة تستند إلى التجربة العربية المرتبطة بمفاهيم التراث والحضارة والتاريخ على مر العصور.
وفي اليوم الأول من فعالياتها، حققت مبادرة الأسبوع العربي في اليونسكو توافقًا غير مسبوق، حيث امتزجت ثقافة العرب بالتراث العالمي الذي يتخذ من اليونسكو مقرًا له. وقد تضمن ذلك مجموعة من الأنشطة المصاحبة مثل عروض الأزياء العربية، الحرف اليدوية، العروض الموسيقية، والطهي العربي، بالإضافة إلى 4 معارض تشمل معرض الثقافة، معرض الخط العربي، معرض صور عن المواقع التراثية في العالم العربي، وأخيرًا معرض المنتجات الثقافية العربية.
أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة الأسبوع العربي في اليونسكو العام الماضي، والتي ساهمت في استلهام رؤى مستقبلية جديدة تعزز التعاون بين الدول العربية. كما تمثل هذه المبادرة شهادة فريدة واستثنائية على تقليد ثقافي وحضارة عريقة ترتبط بشكل مباشر بحاضر العرب، المستند إلى تقاليد عريقة لا تزال حية رغم مرور فترات زمنية طويلة عليها.