- التوترات الجيوسياسية باتت الآن الشغل الشاغل للمستثمرين السياديين، يليها التضخم.
- ارتفعت جاذبية الائتمان الخاص في الشرق الأوسط، في حين تراجع الاهتمام بأدوات الدخل الثابت والأسهم، والأسهم الخاصة
- تتبنى صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية في المنطقة الذكاء الاصطناعي في عملياتها الاستثمارية
- يقوم المستثمرون بمواءمة محافظهم الاستثمارية مع الأهداف المناخية العالمية
- تتجه البنوك المركزية في الشرق الأوسط إلى الذهب لتنويع احتياطاتها
أشار الإصدار السنوي الثاني عشر من تقرير “إدارة الأصول السيادية العالمية“ من شركة إنفيسكو، إلى أن التوترات الجيوسياسية تفوقت على التضخم لتصبح الشغل الشاغل للمستثمرين السياديين، الأمر الذي دفعهم إلى زيادة الاهتمام بتخصيص أصول للأسواق الناشئة.
وقد أشار 83% من المستثمرين السياديين، بما في ذلك 95% من المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط، إلى التوترات الجيوسياسية باعتبارها الخطر الأكبر على النمو الاقتصادي خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
ويعكس هذا الاتجاه المخاوف بشأن المنافسة بين القوى الكبرى واحتمال عرقلة التجارة.
كما لا يزال التضخم يشكل مصدر قلق كبير، حيث تتوقع 43% من صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية على مستوى العالم، و68% في الشرق الأوسط، أن يحتل التضخم مكانة مهمة على أجندة البنوك المركزية.
ويتوقع ما يقرب من ثلاثة أرباع المستثمرين، 71% في جميع أنحاء العالم و70% في الشرق الأوسط، أن تظل أسعار الفائدة وعائدات السندات عند مستوى من رقم آحاد متوسط على المدى الطويل، مما يشير إلى تحول في التوقعات السابقة.
وتستند دراسة إنفيسكو، التي أصبحت رائدة في مجال نشاط المستثمرين السياديين، إلى آراء 140 من كبار مسؤولي الاستثمار، ورؤساء فئات الأصول، وكبار استراتيجيي المحافظ في 83 صندوق ثروة سيادية و57 بنكاً مركزياً، يديرون معاً أصولاً تبلغ قيمتها نحو 22 تريليون دولار.
تغير المشهد الاستثماري يؤدي إلى تغيير المخصصات في منطقة الشرق الأوسط
هذا وتتطلع صناديق الثروة السيادية إلى إعادة تشكيل محافظها لتعكس البيئة الكلية الجديدة، حيث يخطط 27% منها على مستوى العالم و50% في الشرق الأوسط لزيادة مخصصاتها في مجال البنية التحتية خلال العام المقبل.
وتتوقع 6% فقط من صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم، وولا صندوق على مستوى الشرق الأوسط، خفض مخصصاتها.
كما أن جاذبية الأسواق الناشئة آخذة في الازدياد. ويتوقع أكثر من نصف صناديق الثروة السيادية (54%)، بما في ذلك 71% في الشرق الأوسط، أن تستفيد الأسواق الناشئة من خلال اللعب على حبال القوى العظمى المتنافسة،
ويعتقد 54% من تلك الصناديق (86% في الشرق الأوسط) أن الأسواق الناشئة أصبحت أكثر جاذبية بسبب قربها الجغرافي وهيكلتها الإقليمية.
ومن بين مناطق الأسواق الناشئة، تتصدر آسيا (باستثناء الصين) هذا الاتجاه، حيث تعتبرها 83% من صناديق الثروة السيادية، بما في ذلك جميع الصناديق في الشرق الأوسط، أولوية بالنسبة لها.
ولا تزال الهند في دائرة الضوء، حيث ينظر إليها 88% من صناديق الثروة السيادية في جميع أنحاء العالم وجميع الصناديق في الشرق الأوسط على أنها سوق جذابة لزيادة ديون الأسواق الناشئة.
وفي تعليق لها على هذا التقرير، قالت جوزيت رزق، رئيسة قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في إنفيسكو: “في ظل البيئة الكلية الراهنة التي لا يمكن التنبؤ بها، يقوم المستثمرون السياديون بإعادة إعداد وضبط محافظهم الاستثمارية، مع التركيز بشكل خاص على الأسهم والائتمان الخاص وصناديق التحوط. وتكتسب الأسواق الناشئة زخماً ملحوظاً، حيث تتبنى الصناديق نهجا انتقائياً تجاهها”.
صعود الائتمان الخاص: فرصة جيدة
ويكتسب الائتمان الخاص شعبية بين صناديق الثروة السيادية، حيث يتم الاستثمار فيه من خلال الصناديق بنسبة 56%، وبشكل مباشر بنسبة 30% (67% و44% في منطقة الشرق الأوسط).
وجدير بالذكر أن 35% فقط من صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم و22% في الشرق الأوسط لا تملك حالياً أي استثمارات في الائتمان الخاص.
ويخطط أكثر من ثلثي صناديق الثروة السيادية (69%)، بما في ذلك 71% من الصناديق في الشرق الأوسط، لزيادة مخصصاتها للائتمان الخاص، وإعادة توجيه مخصصات من الدخل الثابت، والأسهم، والأسهم الخاصة.
وترجع جاذبية الائتمان الخاص إلى التنويع بعيداً عن الدخل الثابت التقليدي (63% بشكل عام و50% في الشرق الأوسط)، وقيمته النسبية مقارنة بالديون التقليدية (53% و50% على التوالي).
وتعد الولايات المتحدة السوق الأكثر جاذبية للائتمان الخاص (تم تصنيفها على أنها جذابة للغاية بنسبة 64% من صناديق الثروة السيادية في جميع أنحاء العالم و71% في الشرق الأوسط)، تليها أوروبا الغربية (41% و50% على التوالي).
ومع ذلك، هناك اهتمام متزايد بالديون الخاصة في الأسواق الناشئة. ويعتقد نصف المشاركين، بما في ذلك 58% في الشرق الأوسط، أن الفرص المتاحة في الأسواق الناشئة تساوي أو تتفوق على تلك الموجودة في الأسواق المتقدمة.
وأضافت رزق: “تتزايد جاذبية الائتمان الخاص بالنسبة لصناديق الثروة السيادية، حيث يستثمر الكثير منها من خلال الصناديق والصفقات المباشرة.
وتفضل صناديق الثروة السيادية في المنطقة الأسواق المتقدمة، ولكنها تقوم أيضاً باستكشاف الأسواق الناشئة، مع الموازنة بين الاستراتيجيات الدفاعية وانتهاز الفرص للتنقل في هذا المشهد التنافسي.”
ظهور عصر الذكاء الاصطناعي: المستثمرون السياديون في الشرق الأوسط يتبنون المستقبل
يستخدم ثلث المستثمرين السياديين على مستوى العالم الذكاء الاصطناعي في عملياتهم الاستثمارية، بينما يقوم 6% منهم باستخدامه على نطاق واسع. وترتفع هذه النسب في الشرق الأوسط بمعدل 40% و15% على التوالي.
وتعتقد الغالبية العظمى (93% حول العالم وجميع المستثمرين السياديين % في الشرق الأوسط) أن الذكاء الاصطناعي سيلعب في نهاية المطاف دوراً في مؤسساتهم.
وقد دفع صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي 66% من صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية على مستوى العالم و83% في الشرق الأوسط إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي، واستكشاف تطبيقات جديدة لهذه التكنولوجيا.
ويعد الافتقار إلى الخبرة (بحسب 45% من المستثمرين السياديين حول العالم و54% في الشرق الأوسط) وقابلية شرح نماذج الذكاء الاصطناعي (45% و38% على التوالي) من أهم العوائق التي تحول دون دمج الذكاء الاصطناعي.
ولمواجهة هذا التحدي، تستثمر المؤسسات في التدريب والشراكة مع خبراء خارجيين.
وتجد صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من التطبيقات، وتبرز معالجة البيانات (بالنسبة لـِ71% في جميع أنحاء العالم و80% في الشرق الأوسط)، وإدارة المخاطر (62% و73%)، والتنبؤ (53% و53٪) كأكثر حالات الاستخدام شيوعاً.
ومن اللافت أيضاً أن نصف المستثمرين السياديين على مستوى العالم و80% في الشرق الأوسط واثقون من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يولد عائدات إضافية ويعزز العائدات.
وفي حين أن 59% من صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية، بما في ذلك 82% في الشرق الأوسط، تعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً انكماشياً، فإن غالبية المشاركين يتوقعون ألا يصبح هذا الأمر حقيقة واقعة إلا بعد خمس سنوات على الأقل.
وتابعت رزق: “يعتمد المستثمرون السياديون في المنطقة بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي في عملياتهم الاستثمارية، مع إدراكهم لقدرته على أن يصبح أداة أساسية في عملياتهم.
ورغم وجود بعض التحديات، إلا أن الجهات المعنية تستثمر الأموال في التدريب والشراكات للتغلب على العوائق الموجودة.”
أهمية عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في تزايد مستمر
مع نضوج الاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، تنضج أيضاً التوقعات والتحديات المترتبة عليه. ويُنظر إلى الغسل الأخضر على أنه التحدي الأكبر، حيث أشار إليه 84% من المستثمرين السياديين في جميع أنحاء العالم و94% في الشرق الأوسط. وتعد جودة البيانات والتصنيفات (بحسب 81% من صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية بشكل عام و94% في الشرق الأوسط) وقياس التأثير (81% و94% على التوالي) من أهم التحديات التالية التي يجب التعامل معها.
واستجابة لذلك، يتجه المستثمرون السياديون نحو قدر أكبر من المساءلة، حيث يقوم 48% منهم (50% في الشرق الأوسط) بوضع نماذج محددة وتتبع محافظهم الاستثمارية الأهداف المناخية العالمية، ويعتزم 32% آخرون (30% في الشرق الأوسط) القيام بذلك.
وتعتبر جوانب الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عاملاً مهماً في اختيار المديرين والإشراف عليهم بالنسبة لـِ81% من المشاركين في جميع أنحاء العالم و70% في الشرق الأوسط.
وعلاوة على ذلك، فإن 45% من المستثمرين السياديين بشكل عام و20% في الشرق الأوسط، لديهم إجراءات عناية واجبة قوية بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للمديرين الخارجيين، ويقومون بتعزيز المشاركة المستمرة.
وفي الوقت نفسه، فإن 61% من صناديق الثروة السيادية والبنوك المركزية على مستوى العالم و44% في الشرق الأوسط تدمج اعتبارات مخاطر مناخية مادية في عملياتها الاستثمارية.
ولتعزيز جهود التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، يفضل المستثمرون السياديون عموماً مزيجاً من التخصيص لمصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة (88% بشكل عام و80% في الشرق الأوسط) والمشاركة (63% و70% على التوالي).
وأردفت جوزيت رزق بالقول: “يستمر تبني معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسة من قبل بنوك مركزية في الشرق الأوسط في النمو، في حين تعمل صناديق الثروة السيادية على تحسين نهجها في هذا المجال مع نضوج السوق.
ويدرك المستثمرون بشكل متزايد مخاطر تغيير المناخ كعامل مادي، ولهذا يقومون بمواءمة محافظهم الاستثمارية مع أهداف المناخ العالمية. وهناك اتجاه ملموس لتفضيل التعامل مع مصادر الطاقة المتجددة وتخصيص موارد لها على التصفية الكاملة للاستثمارات لدفع عملية تحول الطاقة”.
جاذبية الذهب في عالم غير مؤكد
تعمل البنوك المركزية على تعزيز وتنويع احتياطاتها في خضم حالة عدم اليقين، حيث يخطط 53% منها على مستوى العالم لزيادة حجم احتياطاتها، ويخطط 52% منها لتنويع إضافي. وتبلغ النسبة في كلا المجالين 56% في منطقة الشرق الأوسط.
ويتمتع ارتفاع مستويات الديون الأمريكية بتأثير سلبي على الدور العالمي للدولار الأمريكي بحسب ما أفاد 64% من المشاركين على مستوى العالم و33% في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، يعتقد 18% من البنوك المركزية المشاركة في الدراسة،
بما في ذلك 20% في الشرق الأوسط، أن وضع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية سيكون أضعف مما هو عليه الآن في غضون خمس سنوات.
ومن ناحية أخرى، يكتسب الذهب جاذبية متزايدة، حيث قامت 35% من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بزيادة مخصصاتها للذهب في السنوات الثلاث الماضية، ويخطط 37% منها القيام بذلك في السنوات الثلاث المقبلة.
وفي الشرق الأوسط، تبدو هذه النسب أكثر وضوحاً حيث تبلغ 70% و78% على التوالي.
ويؤدي استخدام احتياطيات البنك المركزي كسلاح إلى جعل الذهب أكثر جاذبية بالنسبة لـ 56% من البنوك المركزية بشكل عام، بينما يتفق 48% على أن ارتفاع مستويات الديون الأمريكية قد عزز من جاذبية الذهب. وتبلغ النسبة في كلا المجالين 88% في منطقة الشرق الأوسط.
ومن المتوقع أن تصل نسبة البنوك المركزية التي تخصص 5% أو أكثر من استثماراتها للأسواق الناشئة (باستثناء الصين) إلى 34% على مستوى العالم و22% في الشرق الأوسط في غضون خمس سنوات.
وتشهد الهند، على وجه الخصوص، اهتماماً كبيراً، حيث يرى 83% من البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم وجميع البنوك المركزية في الشرق الأوسط، أن الهند تمثل سوقاً جذابة لزيادة التعرض عليها.
واختتمت رزق حديثها بالقول: “في ظل حالة عدم اليقين العالمية، تعمل البنوك المركزية في المنطقة على تعزيز احتياطياتها وتنويعها. وتتزايد جاذبية الذهب بسبب المخاوف بشأن ارتفاع مستويات الديون الأمريكية.
كما تتزايد المخصصات الموجهة للأسواق الناشئة مع سعي البنوك المركزية إلى تعزيز عائداتها وتخفيف المخاطر”.