في بداية إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، أدركت المملكة أن لديها إرثاً ثقافياً وتاريخياً غنياً يمكن استثماره لتحقيق أهداف متعددة. من بين هذه الأهداف التعريف بالمملكة وتاريخها العريق، بالإضافة إلى استغلال هذا التاريخ في مشاريع اقتصادية ضخمة تساهم في زيادة إيرادات الدولة، وذلك في إطار جهود الرؤية لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
إن التنوع الثقافي والتاريخي للمواقع الأثرية في المملكة لا يقتصر على منطقة معينة، بل يشمل عدة مناطق، حيث تمتلك كل منها تاريخها الفريد ومواقعها التراثية وحضارتها التي تحتاج إلى استثمار جيد. وقد تم تحقيق جزء كبير من هذا الهدف من خلال مشاريع اقتصادية تعزز قطاعات السياحة والطيران والترفيه، ولا تزال الجهود مستمرة لتحقيق باقي أهداف الرؤية، التي نجحت في تسجيل 8 مواقع تراثية ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
تتمتع المملكة بعدد من العوامل التي تؤهلها لتحقيق تميز سياحي، ومن أبرز هذه العوامل: موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط قارات العالم، مما جعلها نقطة التقاء للحضارات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي المملكة على مواقع أثرية هامة في جميع مناطقها، فضلاً عن مواقع تاريخية إسلامية، إلى جانب تراث عمراني وثقافي متنوع وواسع في مساحة جغرافية كبيرة.
ومع تفعيل خطط الرؤية، تم توجيه التعليمات إلى المسؤولين في القطاع السياحي لإزالة العقبات التي تواجه المشاريع، بما يحقق المصلحة العامة. كما يتم البحث عن فرص لمشاركة القطاع الخاص في المشاريع الكبرى للدولة، ليقوم بدوره في تطوير تلك المناطق بكفاءة وجودة عالية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، ويساهم في التعريف بالهوية الوطنية والتراثية، وجذب أعداد كبيرة من السياح من مختلف دول العالم.
30 مليون سائح
تُعتبر المملكة العربية السعودية الأسرع نموًا بين دول مجموعة العشرين في مجال السياحة، حيث بلغ عدد السياح فيها أكثر من 30 مليون سائح، مما يمثل 40% من الهدف المحدد للقطاع السياحي، الذي يُعتبر من أبرز القطاعات المساهمة في النمو الاقتصادي.
تسعى المملكة لزيادة مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي من 3% في عام 2019 إلى 10% بحلول عام 2030، مع هدف استقطاب 100 مليون سائح من داخل المملكة وخارجها. وتستثمر المملكة أكثر من 800 مليار دولار في هذا القطاع، حيث تعمل وزارة السياحة على جذب استثمارات كبيرة، مستفيدة من المواقع التاريخية والتراثية والطبيعية. كما تتعاون الوزارة بشكل وثيق مع الأمم المتحدة ومنظمة السياحة العالمية ومجلس السفر والسياحة لتعزيز تنمية هذا القطاع.
الآثار والمتاحف
في وقت سابق، وافق مجلس الوزراء على تعديل نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، حيث تم فرض مجموعة من العقوبات الصارمة ضد المعتدين بشكل غير قانوني على ممتلكات الدولة الأثرية. كما تم منح بعض الصلاحيات للجهات المعنية لتنظيم وتطوير هذا القطاع.
متحف التاريخ
توجد قائمة بمتاحف التاريخ الإسلامي في المملكة، تشمل متحف التاريخ الإسلامي الذي اقترحت الهيئة إقامته في منطقة قصر خزام بمحافظة جدة، بالإضافة إلى متحف تاريخ مكة المكرمة في قصر الزاهر، ومتحف تاريخ الدولة السعودية في قصر الملك فيصل التاريخي بمكة المكرمة. كما تم توجيه خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لإنشاء متحف تاريخ المعارك الإسلامية بالتعاون مع وزارة الدفاع، ومتحف في موقع غزوة بدر. بالإضافة إلى ذلك، هناك مراكز زوار في أبرز المواقع التاريخية الإسلامية التي تمثل متاحف مفتوحة في مواقع جبل أحد وجبل النور وجبل ثور، فضلاً عن مشروع واحة القرآن الكريم في المدينة المنورة.
150 موقعاً
تحتوي المملكة على أكثر من 150 موقعًا أثريًا مفتوحًا ومهيأً للزيارة، تستقبل السياح والزوار من داخل المملكة وخارجها، بما في ذلك 22 متحفًا حكوميًا و174 متحفًا خاصًا، بالإضافة إلى أكثر من 50 موقعًا من مواقع التراث العمراني. وفقًا لدراسة أجرتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، تجاوز عدد الرحلات السياحية الثقافية المحلية في المملكة ستة ملايين رحلة في عام 2016، والتي شملت زيارات للمتاحف ومواقع التاريخ الإسلامي والمواقع الأثرية والمعارض الثقافية والفنية والمهرجانات الثقافية. في نفس العام، قُدّر الإنفاق المباشر للزوار المحليين والدوليين على أنشطة التراث الثقافي بحوالي 13.5 مليار ريال (3.6 مليارات دولار)، بينما بلغ الأثر الكلي للإنفاق على السياحة الثقافية (مجموع الإنفاق المباشر وغير المباشر) حوالي 56.6 مليار ريال (15.1 مليار دولار). كما أُنشئت 112 ألف فرصة عمل مباشرة نتيجة لأنشطة الزوار في مواقع التراث الثقافي والأنشطة التجارية المحيطة بها.
الثقافة والتراث
قبل إعلان الرؤية، شملت جهود الهيئة في مجال سياحة الثقافة والتراث العديد من المجالات، ومن أبرزها المهرجانات، حيث عملت الهيئة على
قامت الهيئة بتطوير مجموعة من منتجات السياحة الثقافية والتراثية في أكثر من 25 وجهة سياحية، تشمل الأسواق التاريخية، القرى التراثية، الطرق التاريخية، الأسواق الشعبية، الفلكلور الشعبي، الصناعات التقليدية، والمأكولات الشعبية.
برنامج خادم الحرمين الشريفين
يمثل برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، الذي أُقر في مايو 2014، مشروعاً وطنياً تاريخياً مهماً يعكس التطور في برامج التراث بالمملكة، والذي يحظى باهتمام ودعم كبيرين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه -.
وقد خصصت الدولة أكثر من 4 مليارات ريال لهذا البرنامج، الذي يتضمن إنشاء 18 متحفاً في مختلف مناطق المملكة، حيث تم إنجاز المرحلة الأولى من إنشائها، بينما تم ترسية مراحل أخرى. كما يشمل البرنامج تهيئة 80 موقعاً أثرياً لفتحها أمام الزوار في جميع أنحاء المملكة، بالإضافة إلى إعادة ترميم وتأهيل 18 قرية وبلدة تراثية لاستقبال الزوار، واحتضان أنشطة اقتصادية وضيافة تعكس الطابع المحلي، مما يوفر فرص عمل لأبناء المنطقة.