الكازاخستانيون في استفتاء عام أمس الأول “الأحد” على بناء أول محطة للطاقة النووية في بلادهم التي تعتبر أكبر منتج لليورانيوم في العالم،
بهدف زيادة إنتاج الطاقة بحلول عام 2035، ومن المقرر بناء المحطة بالقرب من قرية أولكين شبه المهجورة في السهوب الكازاخستانية على ضفاف بحيرة بلخاش، فيما تُقدر التكلفة الأولية للمحطة الجديدة وفقاً لوزارة الطاقة ما بين 10 مليارات و12 مليار دولار.
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية في كازاخستان، أن 71% من الناخبين صوتوا لصالح خطة الحكومة لإنشاء مفاعل نووي جديد، فيما بلغت نسبة المشاركة نحو 64%، وهي نسبة تتجاوز العتبة المطلوبة لاعتماد نتيجة الاستفتاء.
أقرأ أيضا.. كازاخستان تحتفل باليوم الوطني في الخامس والعشرين من أكتوبر
وقال رئيس لجنة الانتخابات المركزية نورلان عبديروف في مؤتمر صحفي عقد أمس: “حتى الساعة 8 صباحًا من يوم 7 أكتوبر، تم فرز الأصوات في 10323 مركز اقتراع في جميع مناطق البلاد وخارجها”،
وكان إجمالي عدد المواطنين الكازاخستانيين المؤهلين للمشاركة في التصويت 12284487، ومن بين هؤلاء، أدلى 7820204 مواطن بأصواتهم، وهو ما يمثل نسبة إقبال على التصويت بلغت 63.66٪.
وأظهرت النتائج الأولية التي أصدرتها لجنة الانتخابات المركزية، أن نسبة المشاركة في استفتاء يوم الأحد بلغت 63%، حيث أجاب 71.12% من أصل 7.8 مليون شخص صوتوا بنعم على السؤال: “هل توافق على بناء محطة للطاقة النووية في كازاخستان؟”
توكاييف يدلي بدلوه
وأعلن الرئيس قاسم جومارت توكاييف العام الماضي أنه سيتم إجراء استفتاء، وقال إن البلاد في “حاجة ماسة إلى مصادر طاقة موثوقة وصديقة للبيئة”، وأن الطاقة النووية يمكن أن تلبي “إلى حد كبير” الاحتياجات المتزايدة بسرعة للاقتصاد الكازاخستاني، ولكن أي قرار بشأن الطاقة النووية يجب أن يتخذ بدعم من الشعب.
وبعد التصويت في الاستفتاء يوم الأحد، أجاب الرئيس توكاييف على أسئلة وسائل الإعلام، بما في ذلك حول من سيتم اختياره لبناء محطة الطاقة النووية الجديدة. وقال: “هذه ليست مشكلة سهلة. ويتعين على الحكومة أن تحلل وتجري المفاوضات المناسبة. وفي رأيي، ينبغي لكازاخستان أن تعمل في اتحاد دولي يتألف من شركات عالمية تتمتع بأحدث التقنيات”.
وأضاف الرئيس توكاييف، إن المحطة النووية ستكون “أكبر مشروع في تاريخ كازاخستان المستقلة”، وقد هيمنت حملة “نعم” قبل التصويت، وأن الاستفتاء في حد ذاته دليل آخر على التغييرات الهائلة التي شهدتها كازاخستان على مدى السنوات الخمس الماضية، وهو دليل واضح آخر على مفهوم الدولة المستمعة “.
وقال المكتب الصحفي للرئيس توكاييف بعد الإدلاء بصوته: “رأيي الشخصي هو أن يعمل في كازاخستان تحالف دولي يضم شركات عالمية تمتلك أحدث التقنيات، وأشار إلى أنه يفضل «كونسورتيوم دولياً مكوناً من شركات عالمية مجهزة بأحدث التقنيات،
تنافس الشركات العالمية
ووفقاً لعرض قدمته وزارة الطاقة، تشمل قائمة الشركات المحتملة لبناء المحطة كل من “تشاينا ناشيونال نوكلير” (China National Nuclear)، و”كوريا هيدرو آند نوكلير باور” (Korea Hydro & Nuclear Power)، وشركة “روساتوم” (Rosatom) الروسية، و”كهرباء فرنسا”.
وكان السؤال المطروح على المواطنين هو ما إذا كانوا يؤيدون بناء محطة للطاقة النووية في البلاد. وبناءً على النتائج الأولية، صوتت الأغلبية الساحقة من الناخبين، بإجمالي 5561937 شخصًا أو 71.12٪، لصالح البناء، وعلى العكس من ذلك، صوت 2045271 شخصًا، أو 26.15٪، ضد محطة الطاقة النووية.
ومن بين إجمالي الأصوات، اعتُبر 130267 بطاقة اقتراع غير صالحة، بالإضافة إلى ذلك، تم الاعتراف بـ 82729 بطاقة اقتراع على أنها صالحة ولكن لم يتم تضمينها في النتيجة النهائية لأن الناخبين وضعوا إجابتين بدلاً من واحدة، مما أدى إلى استبعاد بطاقات اقتراعهم.
وتختلف أنماط التصويت عبر المناطق، وسجلت منطقة تركستان أعلى عدد من الأصوات المؤيدة، حيث أيد 693766 مواطنًا المحطة النووية وصوت 178148 ضدها. وتبعتها منطقة ألماتي عن كثب، حيث أيد 495291 ناخبًا البناء وعارضه 174622.
وقد اعتمدت لجنة الانتخابات المركزية في كازاخستان 177 مراقبًا من 30 دولة وأربع منظمات دولية، بما في ذلك بعثة مراقبي رابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة الدول التركية، ومؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا.
وقد اقامت البعثات الخارجية لكازاخستان في 59 دولة 74 مركزاً للاستفتاء، حيث بلغ إجمالي عدد الناخبين المسجلين 12307 ناخبا، فيما بلغ إجمالي عدد المواطنين الكازاخستانيين الذين صوتوا في الخارج نحو 9976 مواطناً، بنسبة إقبال بلغت 81.06%..
اشادة المراقبين الدوليين
وفي الوقت نفسه، أشاد مراقبو رابطة الدول المستقلة بعملية الاستفتاء، وفي الوقت نفسه، أشار ليونيد أنفيموف، رئيس بعثة مراقبي رابطة الدول المستقلة، إلى أن المراقبين تابعوا كل من إعداد وإجراء الاستفتاء، مع 74 ممثلاً معتمدًا من أذربيجان وبيلاروسيا وجمهورية قيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان وموظفين من اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة.
ومن جانبهم أكد رؤساء بعثات المراقبين الدوليين مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة الدول التركية، ومؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، على انفتاح الاستفتاء وشرعيته، حيث لم يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات في مراكز الاقتراع، فيما سلط المراقبون الدوليون الضوء على نسبة الإقبال العالية على التصويت، فيما شارك أكثر من 200 صحفي أجنبي بتغطية الاستفتاء.
وقال المراقبون الدوليون خلال الإحاطات الصحفية في 7 أكتوبر إن استفتاء كازاخستان بشأن بناء محطة للطاقة النووية كان شفافًا ومتوافقًا مع القوانين الوطنية والمعايير الانتخابية المقبولة دوليًا.
أطلعت بعثة المراقبين من منظمة شنغهاي للتعاون ممثلي وسائل الإعلام على تقريرهم النهائي حول سير الاستفتاء.
وقال لأوليج كوبيلوف، نائب الأمين العام لمنظمة شنغهاي للتعاون ورئيس بعثة المراقبة التابعة للمنظمة، فقد جرى الاستفتاء في “جو من الانفتاح والشفافية”.
وقد زار أعضاء بعثة المراقبة 31 موقعا للتصويت في أستانا ومنطقة أكمولا.، كما جرى التصويت بهدوء، وفقا للنظام المعمول به، وبحضور مراقبين محليين وعاميين ودوليين وممثلين عن وسائل الإعلام. وأضاف أنه خلال فترة المراقبة، لم يتلق ممثلو البعثة أي شكاوى أو تعليقات.
ومن جانبه قال وفد مراقبي منظمة الدول التركية بأن مراكز الاقتراع مجهزة بشكل جيد مع معلومات واضحة حول الإجراءات المتاحة للناخبين، موضحاً: لقد منحت لجان الانتخابات حق الوصول الكامل للمراقبين الدوليين والمحليين، مما ضمن الشفافية طوال العملية.
وتمت إدارة عملية التصويت بشكل احترافي، ولم يتم ملاحظة أي مخالفات كبيرة. وتم اتباع إجراءات التصويت والفرز بدقة، مما ضمن الشفافية.
ولم يتم ملاحظة أي حالات تدخل داخلي غير قانوني من قبل السلطات الإدارية أو سلطات إنفاذ القانون. وتم احترام حقوق الناخبين بشكل كامل ولم يتم الإبلاغ عن أي عقبات”، قال سعدي جعفروف، رئيس بعثة مراقبي منظمة الدول التركية ونائب الأمين العام للمنظمة”.
وفي الوقت نفسه أبرز تقرير بعثة مراقبي CICA الشفافية أثناء الاستفتاء والمشاركة النشطة للشباب، وقال:”تم ضمان شفافية التصويت بشكل جيد.
كانت هناك مراقبة وعرض لآراء المنظمات العامة والمراقبين الدوليين دون عوائق. وقالت تشانغ لينغ، نائبة الأمين العام لمؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا: “لقد حظيت عملية الاستفتاء برمتها، بما في ذلك التحضير والحملات ويوم التصويت، بتغطية إعلامية واسعة وسريعة”.
وأضافت: “نعتبر إجراء الاستفتاء خطوة مهمة أخرى على طريق التنمية الديمقراطية في كازاخستان ويعكس احترام حالة حقوق الإنسان وانفتاح الحكومة على الاستماع إلى آراء الشعب”.
ومن جانبه قال ألبرتو فريجيريو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ألماتي للإدارة: “لقد ناقشت كازاخستان منذ فترة طويلة بناء محطة للطاقة النووية، مشيرا الى تأكيد الرئيس توكاييف على الأهمية الاقتصادية والسياسية لمثل هذه الخطوة. ومع ذلك، لا يزال الرأي العام منقسمًا بسبب إرث البلاد كموقع للتجارب النووية في الحقبة السوفيتية.
وقال:” تخطط كازاخستان أيضًا للانتقال إلى اقتصاد أكثر خضرة، بهدف أن تصبح خالية من الكربون بحلول عام 2060. وقد زادت البلاد حتى الآن من الطاقة المتجددة إلى حوالي 6٪ من إنتاجها من الكهرباء.
ومن المتوقع أن تلعب الطاقة النووية دورًا رئيسيًا في هذا التحول، مما يساعد كازاخستان على تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة مع الحد من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي”.
تعتبر كازاخستان أكبر منتج لليورانيوم في العالم. ورغم أنها لا تستخدم الطاقة النووية حالياً، إلا أنها لا تخلو من الخبرة النووية: فهي تمتلك ثلاث مفاعلات بحثية عاملة، ومفاعل سريع مبرد بالصوديوم من طراز BN-350 من تصميم روسي يعمل بالقرب من أكتاو منذ 26 عاماً، حتى عام 1999.