بقلم: “راجيش غانيسان”، رئيس شركة «مانيج إنجن»
شهد عام ٢٠٢٤ تطورات تقنية هائلة على مستوى المؤسسات، حيث تم تحديث العديد من الممارسات التقليدية وتبني تقنيات جديدة بهدف تعزيز التنافسية في السوق.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، التقدم الكبير الذي حققته المملكة العربية السعودية في مجال تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لتقرير “حالة الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية” الصادر عن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)،
وصلت استثمارات الذكاء الاصطناعي في المملكة إلى ١,٧ مليار دولار في عام ٢٠٢٣، وحسب بيانات موقع Crunchbase احتلت المملكة المرتبة الثانية في الشرق الأوسط من حيث عدد مراكز البيانات المشتركة، إذ تمتلك ٢٢ مركزًا نشطًا و٤٠ آخر قيد التطوير.
استجابة لهذه التطورات، حددت شركة (ManageEngine)، المتخصصة في إدارة تقنية المعلومات المؤسسية التابعة لمجموعة زوهو، ست أولويات رئيسية للمؤسسات الحديثة في المملكة العربية السعودية لمواكبة المشهد الرقمي المتغير، وتعزيز وجودها وتدعيم بنيتها التكنولوجيا:
إضفاء الطابع الديمقراطي على الأمن السيبراني
بحلول عام ٢٠٢٥، لن يقتصر الأمن السيبراني على المسؤولين التنفيذيين فقط، بل سيصبح مسؤولية مشتركة لجميع الموظفين داخل المؤسسة.
لتحقيق ذلك، يجب على الشركات توفير برامج تدريبية مستمرة وتقديم أدوات وخدمات ذاتية تساعد الموظفين في حماية المؤسسة. كما يعد التغلب على تحديات ضعف تأهيل الموظفين وعدم وضوح العمليات أمرًا حيويًا لإنجاح هذا التوجه.
نموذج الحوكمة الموزعة للامتثال
ستلزم اللوائح المتزايدة وعمليات التدقيق المرتبطة بها قادة الخصوصية والامتثال باعتماد إطار امتثال موزع يضمن تغطية شاملة. بينما كان النهج التقليدي يعتمد على فريق مركزي يتولى مسؤولية الامتثال، أصبح من الضروري الآن إشراك كل قسم في المنظمة في هذه المهمة الجوهرية.
يظل فريق الامتثال المركزي مسؤولًا عن إدارة البرنامج العام، ورسم خريطة للمتطلبات الناشئة من اللوائح والمعايير ذات الصلة، إلى جانب مراقبة التطورات في القطاع.
كما يتعين عليه إبقاء القيادة على اطلاع مستمر بالتغيرات والتحديات الكبرى. أما التنفيذ، فيجب أن يكون واسع النطاق، بحيث يعزز تمكين جميع الأقسام والوظائف داخل المؤسسة لضمان الامتثال على كافة المستويات.
إعادة هندسة التجارب
إعادة هندسة التجارب للمستخدمين تمثل محورًا أساسيًا لتسريع عمليات التحول الرقمي ودعمها. يشمل ذلك تلبية توقعات المستخدمين المتزايدة، مثل سهولة الاستخدام، التوافر، الاستمرارية، التكيف مع التغييرات بشكل استباقي، وتقديم تجارب رقمية غير تلامسية مع الحفاظ على على حلقة التعليقات المفتوحة.
لتحقيق هذه الأهداف، يتطلب الأمر إعادة تصور البنية التقنية الحالية للمؤسسة وإعادة تصميمها لمعالجة التحديات المرتبطة بقابلية التوسع والتوافق، مع تقديم خدمات محسنة.
كما يتضمن الاستفادة من التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، واستخلاص رؤى عملية من منصات تحليل البيانات، وتخصيص سير العمل لتمكين التفاعلات متعددة الوسائط.
رغم الفوائد الكبيرة، تواجه إعادة هندسة التجارب تحديات رئيسية، أبرزها تحديد حجم الإنتاجية التي تم تحقيقها أثناء التحول وضمان أمن تكنولوجيا المعلومات دون التأثير سلبًا على تجربة المستخدم.
ورغم هذه التحديات، تحقق هذه الجهود في نهاية المطاف أهداف المؤسسة عبر تعزيز رضا العملاء ومشاركة الموظفين بفعالية.
تكنولوجيا المعلومات القائمة على النتائج
تلعب تكنولوجيا المعلومات دورًا حيويًا في الشركات الحديثة، حيث أصبحت جزءًا من استراتيجيات الإدارة العليا. ومع ذلك، فإن أي تعطل أو عدم توفر للخدمات يمكن أن يتسبب في خسائر تجارية كبيرة.
ورغم أهميتها، لا تزال بعض المؤسسات تنظر إلى تكنولوجيا المعلومات كتكلفة عالية دون تأثير ملموس على زيادة الأرباح.
لذلك، يتعين على مسؤولي تكنولوجيا المعلومات إثبات القيمة المضافة لاستثماراتهم بوضوح، وإلا قد يواجهون خطر تقليص الميزانيات.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال مواءمة تكنولوجيا المعلومات مع الكفاءة التشغيلية، وتسريع الأعمال، وتقليل تكاليف الفرص الضائعة.
وبحلول عام 2025، يجب على مديري تقنية المعلومات التركيز على مؤشرات الأداء الرئيسية التي تربط تكنولوجيا المعلومات بشكل مباشر بنتائج الأعمال لضمان استدامة قيمتها.
توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي
مع اقتراب عام ٢٠٢٥، ستسعى الشركات إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي وتعظيم عوائد استثماراته. في مجال الأمن السيبراني، سيبرز الذكاء الاصطناعي كحل أساسي للتعامل مع الهجمات المتزايدة تعقيدًا، حيث تصبح الأساليب التقليدية غير كافية. وبالتالي، فإن الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي للدفاع السيبراني سيصبح ضرورة.
علاوة على ذلك، يعزز الذكاء الاصطناعي المعزز إنتاجية الموظفين بشكل كبير، مما يتطلب من المؤسسات وضع استراتيجيات بيانات قوية، تبسيط العمليات، وضمان توافقها مع هذه الاستراتيجيات. كما ينبغي على مسؤولي تقنية المعلومات التركيز على إعداد بيانات مشفرة لضمان نجاح عمليات التنفيذ.
تبني الاستدامة
تشهد الاستثمارات في وحدات معالجة الرسومات (GPUs) نموًا كبيرًا نظرًا لدورها المحوري في تدريب نماذج التعلم العميق وتسريع الحوسبة. ومع ذلك، فإن استهلاكها العالي للطاقة يولد بصمة كربونية كبيرة تتطلب حلولًا مستدامة.
في العالم الرقمي، يسهم التركيز على الاستدامة في تقليل الأضرار البيئية، تلبية توقعات العملاء المهتمين بالبيئة، تحسين الامتثال، وزيادة الكفاءة، مما يجعلها أولوية استراتيجية وأداة تنافسية رئيسية لعام ٢٠٢٥.
رغم التحديات، يمكن للمؤسسات دمج الاستدامة في عملياتها من خلال إجراء تدقيق بيئي داخلي، الاستثمار في مصادر طاقة بديلة، والحصول على أرصدة الكربون. هذا النهج لا يعزز الامتثال فحسب، بل يضمن أيضًا استدامة طويلة الأمد ونموًا مسؤولًا.