متابعة جمال علم الدين
مصر بلد يزخر بتراثه الثقافى العريق وجماله التاريخى، تحتضن مجموعة من الفنادق الرائعة تروى جدرانها قصصًا عريقة من الماضى، وتعد فنادق مصر التاريخية شهادة حية على الأحداث الكبرى؛ فمنذ نشأتها احتضنت شخصيات ملكية وعائلات نبيلة ومشاهير عالميين، وتم تشييدها بالأسلوب الأرستقراطى، ومزجت بين الهندسة المعمارية الفريدة والأصالة، كلّ فندق يروى قصة جديرة بالاهتمام، قصة معنية بالأحداث التي شهدتها مصر على مر العصور.
عادت فنادق مصر التاريخية اليوم، إلى الواجهة مع توقيع الاتفاقيات النهائية للاكتتاب على 7 فنادق تاريخية، في إطار برنامج لبيع أصول حكومية للقطاع الخاص ضمن وثيقة سياسة ملكية الدولة، ووقعت الحكومة ممثلة في صندوق مصر السيادى على بيع حصة 39% في شركة ليجاسى للفنادق- المالكة 7 فنادق تاريخية- لصالح شركة «أيكون»، المساهم الرئيسى بها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى مقابل 800 مليون دولار أمريكى.
يتوزع هيكل ملكية شركة ليجاسى للفنادق بين صندوق مصر السيادى وشركة إيجوث الحكومية، وتمتلك «ليجاسى 7 فنادق ضخمة، وهى: سوفيتيل ليجند أولد كتراكت أسوان، ومنتجع موفنبيك أسوان، وسوفيتيل وينتر بالاس الأقصر، وفندق شتيجنبرجر التحرير، وفندق شتيجنبرجر سيسيل الإسكندرية، وماريوت مينا هاوس القاهرة، وماريوت عمر الخيام الزمالك».
وسوف نستكشف في التقرير التالى قصصًا حول تلك الفنادق ونتعرف على تراثها الثقافى وسنغوص في الماضى العريق ونلتقط لمحةً عن الأحداث والشخصيات التي عاشت في تلك البنايات التاريخية.
أقرا ايضا : مصر… 14 لوحة بمعرض في متحف الأقصر
بخلاف موقعها المميز في القاهرة على كورنيش النيل بالقرب من الأهرامات، والإسكندرية والأقصر وأسوان، تمتلك الفنادق المباعة تاريخًا طويلًا، وقصص كانت خلف تشييد هذا الإرث المعمارى الذي يعتبر اليوم إحدى وجهات الضيافة الأرقى في مصر، وأقدمهم فندق ماريوت، أسسه الخديو إسماعيل لاستقبال الإمبراطورة أوجينى، وفندق ماريوت مينا هاوس مقصد أبرز زعماء العالم، وشاهدا على مفاوضات السلام بين السادات وكارتر وبيجين، وينتر بالاس الأقصر الذي شهد طلاق فاروق وفريدة، وسوفيتيل ليجند أولد كتراكت أسوان أحد أقدم الفنادق التاريخية في العالم ومقصد الملوك، وشيد في نهاية القرن 19 وافتتح 1902، وفى نفس القرن افتتح فندق شتيجنبرجر سيسيل الإسكندرية، أقدم فنادق الإسكندرية وأفخمها خلال القرن العشرين 1929، ومنتجع موفنبيك أسوان عام 1975، وفندق شتيجنبرجر التحرير
– ماريوت القاهرة
يعود تاريخه إلى عام 1869 عندما أمر الخديو إسماعيل ببناء قصر ليبهر إمبراطورة فرنسا «أوجينى» زوجة نابليون الثالث، إحدى زوار حفل افتتاح قناة السويس الأولى، بتكلفة ثلاثة أرباع مليون جنيه مصرى.
بنى الخديو إسماعيل القصر ليكون نسخةً طبق الأصل من مقر إقامة الإمبراطورة أوجينى بقصر تولير في باريس، بإشراف مجموعة من المهندسين والفنانين والحرفيين من مختلف الجنسيات، واستعان بالمهندس النمساوى فرانز يوليوس (فرانز بك فيما بعد) ودى كورل ديل روسو الذي صمم قصر عابدين، وعكس الطراز المعمارى للقصر شغف الخديو بالعمارة الكلاسيكية الحديثة في أوروبا. شهد القصر حفل زفاف ابنى الخديو إسماعيل، الذي استمر 40 يومًا، وحفل زفاف ابنة رئيس الوزراء النحاس باشا، وحفل زفاف الملك فاروق والملكة ناريمان. منذ أن تحول القصر إلى فندق، تغيرت ملكيته عدة مرات، في عام 1879، وتحت اسم فندق قصر الجزيرة، وتم مصادرته من قبل الدولة بسبب الديون وانضم الفندق إلى شركة الفنادق المصرية، وفى عام 1919، تم بيع القصر إلى حبيب لطف الله، أحد الأعيان السوريين الذين استقروا بالقاهرة، وفى عام 1961 في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، تم تأميمه ليصبح اسمه فندق عمر الخيام. وفى السبعينيات تم نقل إدارة القصر لشركة ماريوت العالمية، وقامت بترميم القصر وتجهيزه لفندق خمس نجوم، وأضافت إليه برجين حديثى البناء وتم افتتاحهما عام 1982 بسعة 1087 غرفة وجناحا. يتألف الفندق من 20 طابقًا و1000 جناح وغرفة فاخرة، بشرفات خاصة، وسط 6 أفدنة من الحدائق المطلة على نهر النيل.
2- فندق ماريوت مينا هاوس
مقصد لأبرز زعماء العالم وشهد مفاوضات السلام
بناه الخديو إسماعيل عام 1869 على مساحة 40 فدانا ليكون استراحة خاصة يقضى فيها أوقاته بعد عودته من رحلات الصيد الطويلة، ثم وسع الخديو الاستراحة وهيأ شارع الهرم المؤدى لها، وحول البناء إلى قصر لضيوف حفل افتتاح قناة السويس.
في عام 1883 زادت الديون على الخديو إسماعيل فاضطر ابنه الخديو توفيق لبيع القصر إلى ثرى بريطانى وزوجته وأصبح القصر مسكنًا خاصًا لهما ووسعا بناءه وأطلقوا عليه اسم مينا (نسبة للملك مينا الفرعونى)، وفى عام 1885 باعا القصر لعائلة إنجليزىة اشتهرت بعشقها للآثار المصرية القديمة، وقررت تحويل القصر إلى فندق مينا هاوس وافتتح عام 1886.
وخلال الحرب العالمية الأولى أصبح الفندق مقرًا للقوات الأسترالية والنيوزيلندية ثم تحول إلى مستشفى في أواخر الحرب، وخلال الحرب العالمية الثانية عام 1943 شهد فندق مينا هاوس أحداث مؤتمر القاهرة الذي ضم رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ونستون تشرشل والرئيس الأمريكى الأسبق روزفلت والزعيم الصينى شيانغ كاى شيك لمناقشة أحداث الحرب ثم انتقلت ملكية الفندق من عائلة «لوكيه» إلى شركة الفنادق المصرية، ومع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 تم تأميم الفندق وإعادة ملكيته إلى الحكومة المصرية.
في ديسمبر 1977 عقد مؤتمر مينا هاوس بين الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات والرئيس الأمريكى جيمى كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحيم بيجن وممثلين عن الأمم المتحدة قبل عقد اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.
أبرز من قام بالفندق أوجينى إمبراطورة فرنسا، والأمير ألبرت فيكتور أمير ويلز في عام 1889، والسير آرثر كونان دويل وزوجته في عام 1894 كما حضر الملك جورج الخامس وزوجته الملكة مارى تك مأدبة غداء في عام 1909 وأقام فيه ونستون تشرشل في عام 1914، والرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون في عام 1974 وملك ألبانيا روغ والملك جوستاف ملك السويد والملك امبرتو ملك إيطاليا وألفونسو ملك إسبانيا والإمبراطور هيلاسيلاسى إمبراطور إثيوبيا والملك محمد الخامس ملك المغرب وسعد زغلول أقام بالفندق بعد استقالته من الحكومة والقائد العسكرى الإنجليزى مونتجمرى حيث لا يزال الجناح الذي أقام فيه باسمه. والتقى ونستون تشرشل مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين روزفلت في فندق مينا هاوس عام 1943 لمناقشة خطط الحرب العالمية الثانية ووزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر في عام 1974 وشهد مباحثات السلام بين الرئيس أنور السادات والرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجن فيما سمى مؤتمر مينا هاوس، كما أقام فيه أغا خان والأميرة ديانا والملكة اليزابيث الثانية وملكة النرويج.
يصل عدد غرف الفندق إلى 486 غرفة وجناحا، ويتكون من أربعة طوابق تمتاز بسلالم من الرخام الفخم مع طراز العمارة الإسلامية شيدت بها الاستراحة وجميع الغرف تطل على أول وأكبر حمام سباحة تم بناؤه في مصر.
3- وينتر بالاس الأقصر
شُيد وينتر بالاس عام 1886 وافتتح لأول مرة عام 1903 وكان صاحب الفكرة هو المستشرق الإنجليزى توماس كوك، الذي كان مولعا بالحضارة المصرية آنذاك، ويقع الفندق على الضفة الشرقية للنيل على مقربة من معبدالأقصر حيث يبعد عنه 100 متر فقط، الفندق في بداياته لم يكن سوى قصر يستخدمه خديوى مصر والعائلة الحاكمة كمشتى يستمتعون فيه بشمس الأقصر الدافئة في فصول الشتاء.
بنى القصر طبقًا للطراز الفيكتورى، وصممه المهندس الإنجليزى جى كروزو، على مساحة شاسعة وحدائق فسيحة، وشهد الفندق أحداث اكتشافات مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 وكان من نزلاء الفندق الملك فؤاد.
وشهد الفندق أحداثا تاريخية، وكان شاهدًا على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وعلى سلم الفندق أعلن هوارد كارتر اكتشاف المقبرة عام 1922، وقبلها كان اللورد كارنرفون ممول بعثة كارتر في الأقصر من المقيمين شبه الدائمين في الفندق منذ عام 1914 وحتى عام 1922، وكانت قاعة الطعام الملكية شاهدة لبداية توتر العلاقة بين الملك فاروق والملكة فريدة ما أدى إلى انفصالهما، وكان الملك فاروق له جناح خاص داخل القصر يطلق عليه حتى اليوم اسم «رويال سويت» ويعرف باسم «جناح الملك فاروق»، وشُيد له خصيصا ولا يفتح إلا في أوضاع استثنائية.
يضم الفندق 244 غرفة و6 أجنحة، وكان يضم في البداية 88 غرفة وتم بناء جناح جديد في سنة 1996 يضم 116 غرفة، بالإضافة إلى موقعه المتميز، ويضم الفندق في حديقته الموجودة خلف المبنى، أشجارًا تخطت أعمارها الثمانين عامًا، وأخرى قاربت أعمارها على نصف قرن، وهناك تمر حنة يعود تاريخه إلى عام 1978، ونوع آخر يعود إلى عام 1938، والياسمين الهندى ويرجع تاريخه لعام 1993.
4- فندق سوفيتيل ليجند أولد كتراكت
يقع الفندق على ضفاف النيل في صحراء النوبة، وشُيد في نهاية القرن 19 وافتتح 1902، وبدأت فكرة بنائه عام 1889 بالتزامن مع امتداد السكك الحديدية لجنوب مصر وزيادة عدد السياح لمدينة أسوان، وأنشئ الفندق على صخرة من الجرانيت الوردى بإطلالة على ضفاف النيل أمام جزيرة الفانتاين.
حضر الخديو عباس حلمى الثانى، حاكم مصر آنذاك، حفل افتتاح المطعم الرئيسى في 10 ديسمبر عام 1902، وحضر دوق كونوت الابن الثالث للملكة فيكتوريا، واللورد وليدى كرومر، والسير ونستون تشرشل وجود إيرد مهندس سد أسوان الذي أرسى حجر أساس السد في نفس اليوم.
ويتميز الفندق بطابعه الشرقى الأسطورى ويستوحى اسمه من التقاء النهر بالحاجز الجرانيتى، حيث ينشئ أول شلال على النيل.
وزار الفندق نيكولاس الثانى قيصر روسيا آخر أباطرة روسيا وملك بولندا والذى تولى حكم بلاده خلال الفترة من 1894 حتى 1917، وهاورد كارتر عالم الآثار الإنجليزى مكتشف مقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون. واستوحت الكاتبة الإنجليزية الشهيرة أغاثا كريستى قصتها العبقرية «جريمة على ضفاف النيل» أثناء جلوسها في شرفة غرفتها بالفندق، كما صور الفيلم فيما بعد في كتراكت، وكان الملك محمد الخامس ملك المغرب السابق أشهر زواره والأميرة ديانا، أميرة ويلز.
5- شتيجنبرجر سيسيل الإسكندرية
من أقدم فنادق مدينة الإسكندرية في مصر وأفخمها خلال القرن العشرين، بنى عام 1929، وكان أول ملاكه الثرى الألمانى «ألبرت متزجر» الذي سمّاه «سيسل» تيمنا باسم ابن له.
صممه المعمارى الإيطالى «جوسيبى أليساندرو لوريا» المولود في المنصورة بمصر عام 1888، وقام بتصميم المبنى على الطراز الفلورنسى الذي يميز المدينة. وما زالت غرف الفندق تحمل أسماء بعض المشاهير الذين أقاموا بها، بينهم أسطورة الملاكمة الراحل محمد على كلاى، والفنان فريد الأطرش، وتحمل الغرفة التي نزل فيها اسمه حتى الآن، وهى الغرفة رقم 411، أيضا كوكب الشرق أم كلثوم لها غرفة بداخل الفندق، تحمل الغرفة رقم 307 اسمها، والدكتور طه حسين، وبعض الزعماء الأجانب، من بينهم الرئيس الروسى بوتين، وبعض المشاهير الأجانب بينهم الروائية أجاثا كريستى، والفنان الشهير ألفيس بريسلى. ويتكون الفندق من 5 طوابق، وبه 82 حجرة وثلاثة أجنحة. ويحوى مجموعة من الأثاث الكلاسيكى والتحف القديمة كما أسقفه تحوى تصاميم مذهبة، كما تميز تصميم المبنى بلمسات شرقية في الشرفات.