متابعة جمال علم الدين
وجدت السعودية “طريقا معبدا” نحو استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2034، بعد أن أصبحت الدولة الوحيدة المرشحة لتنظيم المونديال، حسبما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
ووفقا للصحيفة، فإن “الطريق المعبد” الذي سلكته المملكة الخليجية الثرية نحو رغبتها بتنظيم المونديال، جاء من خلال “تغييرات مفاجئة في عملية تقديم العطاءات للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)”.
كما جاءت النتيجة بأن تكون المملكة وحيدة للترشح لاستضافة كأس العالم، في أعقاب “حملة سعودية قوية للضغط وبناء العلاقات، كجزء من سعيها الأوسع للتأثير عبر الرياضة الدولية”، وفق تقرير الصحيفة ذاتها.
وقال شخص مطلع على الأعمال الداخلية لـ”فيفا” لم تكشف الصحيفة عن هويته: “لقد تم وضع كل قطعة في مكانها الصحيح، مما جعل من الحتمي أن يفوز العرض السعودي”.
وباعتبارها صاحبة الملف الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034، فإن السعودية لن تواجه تصويتا داخليا عندما يخضع ترشيحها للموافقة في “كونغرس الفيفا”، العام المقبل.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن “القرارات التي منحت السعودية حق تنظيم المونديال، جاءت خلال مكالمة جماعية عبر الفيديو بين 37 عضوا بمجلس الفيفا، في الرابع من أكتوبر”.
وبجانب مواضيع أخرى، تضمن جدول أعمال اجتماع “مجلس الفيفا” الافتراضي، بند 4,7، الذي ينص على “عمليات تقديم العطاءات واستضافة كأس العالم لكرة القدم”.
وتم منح المشاركين في المكالمة “وثائق تحدد الخطوط العريضة لخطط منح شرف استضافة مونديال عامي 2030 و2034 التي تم وضعها داخل المكتب الرئيسي للفيفا”، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر لم تكشف “فايننشال تايمز” عن هويتهم.
بعد فترة وجيزة من الاجتماع، أعلن “الفيفا” بشكل غير متوقع أن استضافة كأس العالم 2030 منحت لملف مشترك دون منافسة من إسبانيا والبرتغال والمغرب، في حين ستستضيف أميركا الجنوبية أيضا 3 مباريات للاحتفال بالذكرى المئوية لكأس العالم الأول الذي أقيم في أوروغواي عام 1930.
ونتيجة لمنح استضافة مونديال 2030 إلى 6 دول عبر 3 قارات مختلفة للمرة الأولى في تاريخ البطولة، أصبحت أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية على الفور بجانب أميركا الشمالية التي تستضيف نسخة 2026، في قائمة المناطق غير القادرة على التقدم بطلب لاستضافة كأس العالم 2034.
وستنظم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك مونديال 2026.
بعد ذلك، كشف “فيفا” عن موعد نهائي مدته أكثر بقليل من 3 أسابيع لدول آسيا وأوقيانوسيا لتقديم طلبات إبداء الاهتمام لاستضافة كأس العالم 2034.
وفي غضون دقائق من الإعلان غير المتوقع، أكدت السعودية عزمها على تقديم ملف، وسرعان ما حصلت على دعم من أكثر من 125 من أعضاء الفيفا البالغ عددهم 211 عضوا. كما حظي الملف السعودي بدعم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وكانت أستراليا، وهي عضو في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعربت عن رغبتها باستضافة كأس العالم 2034، لكنها انسحبت خلال الأمتار الأخيرة من السباق.
وقال الرئيس التنفيذي للاتحاد الأسترالي لكرة القدم، جيمس جونسون، الثلاثاء، إنه “كان من الصعب جدا على بلاده منافسة العرض السعودي”، لذلك فضلت أستراليا عدم دخول السباق على تنظيم هذه النسخة من البطولة.
وبالنسبة لمنتقدي “فيفا”، فإن التحركات التي ساعدت في تمهيد الطريق أمام عرض الرياض، “تمثل عودة إلى العادات القديمة” في الهيئة الحاكمة لكرة القدم.
وقال “فيفا” إنه “منذ انتهاء التحقيقات في النظام السابق، قام الرئيس جياني إنفانتينو بتغيير الفيفا من مؤسسة سامة إلى هيئة إدارة محترمة وموثوقة وحديثة”.
وقال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، إنفانتينو، هذا الأسبوع، إن “جميع القرارات المتعلقة بعملية تقديم العطاءات تم اتخاذها بالإجماع، وجاءت بعد مشاورات موسعة”.
وكان إنفانتينو، الذي تم انتخابه لولاية ثالثة كرئيس للفيفا هذا العام بعد ترشحه دون منافسة، يعمل على تنمية العلاقات مع السعودية، حيث يحضر أحداثا مختلفة مع ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.
ويأتي الدعم واسع النطاق لملف السعودية 2034، في أعقاب حملتها لتوسيع نفوذها داخل اللعبة.
وتم توقيع العشرات من مذكرات التفاهم في الأشهر الأخيرة بين الاتحاد السعودي لكرة القدم ونظرائه في جميع أنحاء العالم، في حين قامت كيانات من المملكة بضخ الأموال في صفقات الرعاية، وفقا للصحيفة ذاتها.
وأنفقت العديد من الأندية في الدوري السعودي للمحترفين “أكثر من 900 مليون دولار على لاعبين جدد خلال الصيف”، وفقا لشركة “ديلويت”.
وأظهر تقرير صدر هذا الأسبوع عن مبادرة تسمى “بلاي ذا غيم”، وهي مبادرة يديرها المعهد الدنماركي للدراسات الرياضية، أن “الرعاة السعوديين لديهم الآن أكثر من 300 صفقة رياضية، 84 منها في كرة القدم”.
وفي أكتوبر الماضي وحده، أبرمت هيئة السياحة السعودية صفقات تجارية مع الاتحادين الآسيوي والأفريقي لكرة القدم، والدوري الإسباني.
ويرى النقاد أن التغييرات في عملية تقديم العطاءات لكأس العالم هي “علامة على التراجع عن الإصلاحات الرامية إلى تحسين الشفافية والمساءلة”، في أعقاب فضيحة الفساد في الفيفا عام 2015، التي أدت إلى إصلاح قواعده والإطاحة بقيادته العليا، مما مهد لقدوم إنفانتينو.
وقال رئيس لجنة الأخلاقيات السابق بالفيفا، ميغيل مادورو، إنه “في حين أن الهيئة الحاكمة لكرة القدم كانت ذات يوم عرضة للفساد، فإن نظام المحسوبية الحالي يعتمد على أساليب مشروعة، لاستخدام المال والخدمات لبناء شبكات السلطة والنفوذ”.
وأضاف: “بدلا من إعطاء 20 ألف دولار في ظرف لرئيس اتحاد كرة القدم لشراء صوته، يمكن الآن رعاية نشاط دوري أو مسابقة لكرة القدم. إنها عملية قانونية وأكثر فعالية بكثير”.