أكدت المؤلفة السعودية وكاتبة المسرح الدكتورة “ملحة عبد الله” أن ما تشهده السعودية من حراك مسرحي، هو ظاهرة صحية بكل المقاييس، والمسرح في السعودية في حراك دائم لم يخمد أو يغب عن الساحات المحلية والإقليمية من قبل، إلا أنه في هذه الأناة حراك يختلف تماما، ذلك لأنه يتحرك من خلال مؤسسات تعمل على دراسات واستراتيجيات كوزارة الثقافة وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وبالتعاون مع القطاع الخاص، وليس ذلك فقط بل الآن الوزارة تعمل على إنشاء البني التحتية بكاملها سواء كانت مادية أم بشرية، فلك أن تتخيلين كيف يكون المسرح في السعودية في الأعوام المقبلة، بعد هذا الجهد والعطاء وبحسب رؤية 2030.
المهرجان الخليجي للمسرح
الدكتورة ملحة أول امرأة عربية تحصل على جائزة الهيئة العالمية للمسرح، تقول لـ”العربية.نت”: المهرجان الخليجي للمسرح المنعقد في السعودية، هو مكسب كبير للغاية، هذا المهرجان الذي تعطل لمدة 10 عشر سنوات، ثم يقام اليوم في المملكة، بعد إضافة المسرح السعوي له، بعد أن كانت خمس دول، والآن أصبحت ست دول في دورته هذه، وبفضل هذه النهضة وهذا التقدم وهذا الحراك ليس في الثقافة فحسب، وإنما في المسرح بشكل يلفت أنظار المهتمين بالمسرح وصناعته في العالم، سواء كان على المستوى المحلى أو الإقليمي أو الدولي، ولا أخفي أن الجمهور الكريم ووعيه في الآونة الأخيرة بالمسرح، ساهم في هذا الحراك الكبير.
وأضافت: أهمية مهرجان المسرح الخليجي كبيرة للغاية فدول الخليج تجمعها سمات وهموم وقضايا مشتركة، وهذا أهم ما في الأمر، ثم إن المسرح في دول الخليج قد تطور بكل كبير وخاصة في الكويت والإمارات وعُمان نتاج وجود معهد عالي للفنون المسرحية في الكويت، وهذا مهم في التلاقح مع المسرح السعودي الذي بدأ وثباته الأولى في هذا الاتجاه، ومن هنا يمكن للباحثين والدارسين إجراء الدراسات في المسرح الخليجي إن تسنى لهم ذلك، وهذا يضعه على مائدة البحث في المسرح العالمي وهذا مكسب كبير فالثقافة المسرحية العالمية مع العربية ومنها المسرح أصبحت تعمل بحسب نظرية الأواني مستطرقة.
كما أن المسرح الخليجي بصنّاعه ومفكريه يجمعهم ذات القضايا والهموم، بالإضافة إلى تلك القواسم المشتركة في سمات المسرح بين كل هذه الدول، كما أرى أن تكريم نجوم المسرح الخليجي أمر جيد، يمثل لهم ذلك بروزا ومكافأة على ما بذلوه في هذا المضمار.
حفل التكريم
وحول تكريمها في المهرجان الدولي للمسرح التجريبي في دورته الحادية والثلاثين، تقول: يُعد تكريما عربيا عالميا أعتز به، وجائزة أعتبرتها تتويجا لمسيرتي المسرحية في هذا المحفل الذي لا يكرم إلا رؤوس المسرح التي تستحق أن يوضع اسمها على خارطة المسرح العالمي، وهذا شرف كبير سواء كان بالنسبة لي أو للمسرح السعودي نفسه.
في حين حصلت الدكتور ملحة، على العديد من الجوائز، من أهمها جائزة اليونيسكو (الهيئة العالمية للمسرح ITI) وجائزة الأمم المتحدة (اليوناريتس) وجائزة أبها للثقافة في دورتين مختلفين وجائزة وزارة الثقافة السعودية في مسابقة الكتابة المسرحية بالمركز الأول على نص غول المغول كأحسن نص.
مجال النقد
وتتابع حديثها: دراستي وتخصصي كان في النقد والدراما، وأنا أراهما وجهين لعملة واحدة، فلم يكن دمجهما في قسم واحد إلا لمدى أهمية كل منهما للآخر، فكتابة النص إذا ما كانت تخضع بين يدي ناقد يعرف أصول الكتابة ومناهجها ومدارسها ثم يتلو ذلك حرفية الكتابة بقواعدها ومدارسها في إطار معماري هندسي، فبالتأكيد سيخرج لنا عملا مدهشا، ولم يشكل ذلك تحديا بالنسبة لي وإنما الكتابة والنقد كليهما يجريان في نهر واحد لمصلحة النص، ولكن لحظة الكتابة نفسها استبعد الناقد حتى ينتهي العمل، ثم استدعيه ينظر فيما هو مكتوب فربما تجري بعض الرتوش على النص بيد الناقد المحترف.
كتابة النصوص
وحول وجود أزمة نصوص، تقول: إن أغلبها تنقصه الحرفية، ولذا كان الاهتمام الأكبر للهئية على كتابة النص وحرفيته، ولكن يساورني تساؤل هام وهو: لماذا لا نستدعي النصوص العالمية والعربية ونشتغلها وهذا يتم في كل المسرح العربي، المهم كيف نشتغل النص وماذا نريد أن نقول من خلاله برؤية سعودية مثلما استلهمت نصوص عالمية مثل استلهامي لأسطورة أوديب في مسرحية جوكاستا التي فازت بجائزة أبها وكذا استلهامي لأسطورة فاوست في نص ضبط وإحضار، والآن أنا أكتب نصا مستلهما من رواية أوليفر تويست للكاتب تشارلز ديكينز. فإذا كان ذلك كذلك لم يكن هناك أزمة في النص المسرحي، ومن أي مفصل نمسك به، ولكن الأهم في حرفية التناول وتلك هي القضية.
فكرة النص
وتضيف هناك فرق بين الفكرة (فكرة النص) بأن تكون جديدة لم تأتِ من قبل وهي قضية الإبداع نفسة التي تتمثل في (ماذا لو) فعلى سبيل المثال (ماذا لو فني العالم ولم يبق منه سوى الآلات بعد حرب نووية شاملة) هذا التساؤل هي فكرة نص حالة اختبار، والذي حصل على جائزة الكويت فالشخصيات كلها تعمل بالذكاء الاصطناعي كتبتها عام ١٩٩٩، ثم تأتي القضية الهامة التي يحملها النص ونغزل بها سطوره، أما من ناحية تجارب شخصية وقضايا اجتماعيه فأنا أحرض كل الحرص على أن يحمل نصي كل المداخل الخمسة (اجتماعيه، سياسية، نفسية، فلسفية، وتاريخية) وعلى الناقد أن يدخل من أي باب يختاره. فكلها يحتويها النص الذي أكتبه.
ثلاثة نصوص
وحول أعمالها القادمة تقول: الآن أنا أكتب ثلاثة نصوص وهي (موكب الجوع) استلهام شخصية أسماء ابنة خمارويه (قطر الندى) وزفافها. وهو نص تاريخي. ونص تويست العرب اسم مبدأي وهو استلهام لنص أوليفر تويست، وأيضا نص شمندي الأبرص نص كوميدي) أما المنتظر من هذه النص فهي الآن في طور الإنشاء وسترى النور قريبا بإذن الله، كما أنه في القريب سيتم عرض شحات الغرام من إخراج المبدع الدكتور أشرف عزب والنص هو عن سيرة الفنان الكبير محمد فوزي.