كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون بجامعة هارفارد الأمريكية، أن تناول وجبتَيْن فقط من الزبادي أسبوعياً، قد يحمي الأمعاء من بعض أنواع السرطان المحدّدة، ومنها سرطان القولون.
وحسب موقع جامعة هارفارد، طالما كان العلماء يشكّكون بفوائد الزبادي وبكتيرياه الحية لصحة الجهاز الهضمي، ومع ذلك فإن ليس جميع الأبحاث حول هذا الموضوع تتفق على ما هي هذه الفوائد ومتى يتم الحصول عليها.
وبشكلٍ عام، لم يجد علماء الأوبئة ارتباطًا كبيرًا بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم، وهو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم وثاني سبب رئيس للوفيات المرتبطة بالسرطان.
الزبادي مضاد لأورام سرطان القولون
ومع ذلك، عندما قسّم الباحثون حالات سرطان القولون والمستقيم إلى أنواع فرعية، وجدوا نتيجة مهمة، إذ اتفقت هذه النتائج مع عدة دراسات أخرى، أشارت إلى أن تناول الزبادي قد تكون له خصائص مضادّة للأورام.
يقول عالم الأوبئة شوجي أوجينو؛ من جامعة هارفارد “دراستنا تقدم دليلاً فريدًا عن الفائدة المحتملة للزبادي”.
ويضيف، أن “النهج المختبري هو محاولة ربط الأنظمة الغذائية طويلة الأمد بفرق محتمل في الأنسجة، مثل وجود أو غياب نوع معين من البكتيريا. هذا النوع من العمل التحقيقي يمكن أن يزيد من قوة الأدلة التي تربط النظام الغذائي بنتائج صحية”.
تفاصيل الدراسة
تتبع النظام الغذائي 87 ألف امرأة و45 ألف رجل.
على الرغم من أن النتائج هي للمراقبة فقط، إلا أنها تشمل صحة وأسلوب حياة 87 ألف امرأة ونحو 45 ألف رجل، تم ّتتبع نظامهم الغذائي لمدة ثلاثين عاماً أو أكثر.
الأفراد الذين تم تشخيصهم بسرطان القولون والمستقيم والذين تناولوا وجبتين أو أكثر من الزبادي في الأسبوع، كانوا أقل بنسبة 20% في احتمال إصابتهم بورم إيجابي لبكتيريا بيفيدوباكتيريوم “Bifidobacterium”، مقارنةً بمَن تناولوا أقل من وجبة واحدة من الزبادي شهرياً.
كان هذا الأمر صحيحاً بشكل خاص بالنسبة للأورام القريبة في الجزء العلوي من الأمعاء.
بكتيريا بيفيدوباكتيريوم “Bifidobacterium”
بيفيدوباكتيريوم هي ميكروبات تُوجد في الأمعاء البشرية وفي الزبادي العادي، في نحو 30% من حالات سرطان القولون والمستقيم، يتم دمج هذه البكتيريا في أنسجة الورم، حيث يتم ربطها عادةً بنوع خاص من السرطان الذي يكون أكثر عدوانية.
وتزدهر بكتيريا بيفيدوباكتيريوم في بيئة الأورام منخفضة الأوكسجين، ووجودها في بعض الأورام القولونية يشير إلى أنها تتسرّب عبر الحاجز المعوي إلى أنسجة القولون بمعدل أعلى من المعتاد.
وربما يبدو من غير المتوقع أن تناول المزيد من بيفيدوباكتيريوم قد يساعد في منع هذا التسرب على المدى الطويل.
تشير الدراسات الأولية إلى أن هذه البكتيريا قد يكون لها تأثيرات مضادة للأكسدة، ومضادة للالتهابات، وتنشيط للمناعة، مما قد يؤثر في سلامة الميكروبيوم المعوي وحاجز الأمعاء شبه النفاذي.
أما إذا كان الزبادي يمكن أن يوفر هذه الفوائد أم لا، فذلك يتطلب المزيد من البحث، لكن الأدلة المتوافرة لإثبات ذلك تتزايد.
تقول الدراسة الجديدة “تشير النتائج إلى أن تناول الزبادي قد يكون له تأثير وقائي ضد سرطان القولون والمستقيم في حالة وجود خلل في الحاجز المعوي”.
“دراسات إضافية ضرورية لتوضيح الآليات المحتملة لتأثيرات تناول الزبادي طويل الأمد على تكوُّن السرطان القولوني”.
مقارنة بسرطان القولون البعيد، الذي يؤدي إلى الأورام في الأجزاء السفلية من القناة المعوية، فإن سرطان القولون القريب له معدل بقاء أقل، وهذه الأنواع من السرطانات في تزايد أيضاً.
الطعام يمكن أن يعمل كعلاج وقائي
إن الفكرة القائلة إن الطعام يمكن أن يعمل كعلاجٍ وقائي تستحق المزيد من الاستكشاف، فقد أظهرت تجربة عشوائية عام 2021 من جامعة ستانفورد أن الأطعمة المخمرة مثل الزبادي يمكن أن تؤثر في الميكروبيوم والجهاز المناعي لدى البالغين الأصحاء.
يقول عالم الأوبئة أندرو تشان؛ من مستشفى ماساتشوستس العام، الذي كان جزءًا من التحليل الأخير، إن ورقتهم “تضيف إلى الأدلة المتزايدة التي توضح العلاقة بين النظام الغذائي، الميكروبيوم المعوي، ومخاطر سرطان القولون والمستقيم”.
ويضيف: “إنها توفر مسارًا إضافيًا لنا للتحقيق في الدور المحدّد لهذه العوامل في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين الشباب”.