بقلم: باي يوي إعلامي صيني
في 30 مايو، انعقد الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين. كانت أبرز نقاط هذا الاجتماع هي حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ.
إلى جانب أربعة من رؤساء الدول العربية: العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان،
للمشاركة في حفل الافتتاح وإلقاء خطابات رئيسية توجه مسار تطوير العلاقات الصينية العربية في العصر الجديد وترسم الخطة المستقبلية.
في الخطاب الرئيسي، تكرر استخدام كلمات مثل “مجتمع المصير المشترك” و”التعاون”. وتوقعات الرئيس شي جين بينغ بأن “يدفع بناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية بوتيرة متسارعة” أثارت ردود فعل قوية بين جميع المشاركين في الاجتماع.
من الناحية الرقمية، يشهد التعاون العملي بين الصين والدول العربية إمكانية كبيرة من النمو. فمنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي قبل 20 عامًا،
اذ ارتفع حجم التجارة بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار في عام 2004 إلى 398 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 820.9%.
وباستمرار توسيع التعاون في مجالات التكنولوجيا ورأس المال والمنتجات وتنقل الأشخاص بين الصين والدول العربية، فإن الفوائد ستعود بالتأكيد على شعوب الجانبين والمجتمع الدولي.
عند النظر في العلاقات الدولية، لا يمكن فقط الاهتمام ب “الحسابات الاقتصادية”، بل يتحلى بناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية بقيمة تاريخية عميقة وأهمية كبيرة عصرية.
تاريخ عريق وأساس متين للتعاون
أقامت الصين علاقات شراكة استراتيجية شاملة أو شراكة استراتيجية مع 14 دولة عربية ومع جامعة الدول العربية. وتعد جامعة الدول العربية هي المنظمة الإقليمية الأولى التي أصدرت مبادرة مشتركة مع الصين للتعاون في مجال أمن البيانات،
وأول من أصدرت بياناً مشتركاً حول تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية، وأول من وقعت وثيقة تعاون لإنشاء تحالف بين مراكز الفكر. و في إطار منتدى التعاون الصيني العربي،
حيث تم إنشاء 19 آلية تغطي مختلف المجالات، وتم إصدار 85 وثيقة تتعلق بمنجزات شتى، مما جعل المنتدى أداة فعالة لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية.
ووفقًا للمتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال، فإن تطور الصين يعتبر قوة للسلام والتقدم، “والصين هي صديق وشريك يستحق ثقة الدول العربية”.
وعليه تدعم الصين بقوة الدول العربية في تعزيز استقلالها الاستراتيجي ووحدتها وقوتها، وتأيد الدول العربية في اتباع مسارات التنمية التي تتوافق مع ظروفها الوطنية،
وتساند جهود الدول العربية في الحفاظ على أمن واستقرار الشرق الأوسط. وتدعم الصين بقوة قضية الشعب الفلسطيني العادلة لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة،
وتلتزم دائمًا بالحل الشامل والعادل والدائم لهذه القضية. وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى أننا نثمن جدا موقف الصين العادل بشأن قضية فلسطين، وإسهاماتها المهمة في وقف إطلاق النار، وتهدئة الأوضاع، وحماية المدنيين.
اغتنام الفرصة التاريخية لتحقيق المنفعة المتبادلة مع الصين
تعد مبادرة “الحزام والطريق” منصة هامة للتعاون بين الصين والدول العربية، وقد وقعت الصين وثائق تعاون مع جميع الدول العربية البالغ عددها 22 دولة ومع جامعة الدول العربية في إطار هذه المبادرة.
تواصل الصين تصدر قائمة الشركاء التجاريين للدول العربية. نفذت الصين والدول العربية أكثر من 200 مشروع كبير ضمن إطار مبادرة “الحزام والطريق”، واستفاد من نتائج التعاون ما يقارب ملياري شخص، مما أضاف زخما جديدًا لتحقيق رؤى التنمية للدول العربية.
التعاون في مجال الابتكار الأخضر جلب أفقًا جديدًا لبناء مبادرة “الحزام والطريق” بجودة عالية بين الصين والدول العربية. بدأ مشروع تحلية المياه في الطويلة بأبوظبي في الإمارات العربية المتحدة التشغيل التجاري بالكامل،
واكتمل تركيب أول وحدة من مشروع طاقة الرياح بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس بمصر، وتم تأسيس المركز الدولي للأبحاث في مجال مكافحة الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي بين الصين والدول العربية،
كما تعمل مراكز نقل التكنولوجيا والطاقة النظيفة والأقمار الصناعية بفعالية على تعزيز التعاون في الابتكار الأخضر بين الصين والدول العربية مما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة للطرفين.
تعزيز التبادل الحضاري وتقديم مثال جيد للتنمية المشتركة للبشرية
في السنوات الأخيرة، تمتع التعاون بين الصين والدول العربية بمجموعة متنوعة من الأنشطة في مجالات الشباب والدين والأحزاب السياسية والإعلام والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والتلفزيون.
أصبح مركز البحوث الصيني العربي للإصلاح والتنمية منصة فكرية لتبادل الخبرات بين الجانبين في مجال الإصلاح والانفتاح والحكم. في إطار منتدى التعاون الصيني العربي،
تم إنشاء آليات للتبادل الثقافي في مجالات الحوار الحضاري، الإعلام، المدن، والصداقة الشعبية. أدخلت دول عربية مثل مصر، السعودية، الإمارات، وتونس اللغة الصينية في أنظمة التعليم الوطنية لديها،
ويوجد أكثر من 20 معهد كونفوشيوس في الدول العربية، ومئات المدارس تقدم دروسًا في اللغة الصينية. تم ترجمة ونشر ما يقرب من مائة عمل كلاسيكي وأدبي حديث ومعاصر بين الصين والدول العربية ضمن مشروع الترجمة والنشر الصيني العربي.
بدأ مركز التبادل الإعلامي الصيني العربي والموقع الإلكتروني للمكتبة الإلكترونية الصينية العربية عملياتهما، وتم تأسيس تحالف مراكز الفكر الصيني العربي والمركز الثقافي الصيني العربي للنشر، مما وضع أساسًا متينًا للتفاهم المتبادل بين الحضارتين.
هذا العام يصادف الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي. منذ القمة الأولى بين الصين والدول العربية، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية بشكل مستمر،
وازدهر التعاون العملي، وتنوعت التبادلات الثقافية، وحقق التعاون في مختلف المجالات نتائج مثمرة. مع انعقاد الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي كنقطة انطلاق جديدة،
ستواصل الصين والدول العربية تعزيز روح الصداقة الصينية العربية، وتعميق نمط التعاون الشامل ومتعدد المستويات وواسع النطاق بين الصين والدول العربية، وتجميع القوة لبناء مجتمع مصير مشترك على مستوى أعلى بين الصين والدول العربية