يبلغ متوسط العمر الافتراضي للمهارات في البيئة الرقمية السريعة التغير أقل من خمس سنوات. وتُعتبر وتيرة التغيير السريعة، الناتجة عن التطورات التكنولوجية المستمرة، تحدياً كبيراً تواجهه الشركات والدول على حد سواء.
تُعد المملكة العربية السعودية رائدة في تطوير مهارات شبابها من خلال تزويدهم بالمعرفة اللازمة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ومع تحولها من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعاً وقائم على المعرفة، بدأت المملكة رحلة طموحة لتنويع اقتصادها بطرق متعددة، من بينها بناء قوة عاملة مؤهلة لمواجهة تحديات المستقبل. وقد أسفر هذا التحول الاستراتيجي عن نتائج إيجابية، حيث بلغت قيمة الاقتصاد غير النفطي 1.7 تريليون ريال سعودي، مع زيادة في الاستثمارات الجديدة، مما يدل على ازدهار الاقتصاد.
مبادرات تعزيز وبناء القدرات والمهارات في المملكة العربية السعودية
يؤدي انتشار التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إلى إعادة تشكيل مفهوم القوى العاملة بسرعة غير مسبوقة. حيث تسهم الأتمتة في تغيير أسلوب تنفيذ المهام اليومية، وتدخل خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مجالات كانت تُعتبر سابقًا حكرًا على القدرات البشرية. يتطلب هذا التحول إعادة تقييم استراتيجيات تنمية القوى العاملة وضمان تزويد الأفراد بالمهارات والمعرفة اللازمة لمواكبة التطورات المستقبلية.
تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال خططها الأخيرة لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار يركز على الذكاء الاصطناعي، إلى تعزيز مكانتها كواحدة من أكبر المستثمرين في هذا المجال على مستوى العالم. وعلى الرغم من أن هذا الاستثمار يمثل خطوة هامة نحو تحقيق الريادة في الذكاء الاصطناعي، فإن النجاح الكامل لهذا الصندوق يعتمد على وجود قوة عاملة مؤهلة بالمعرفة والخبرة اللازمة لاستخدام هذه التقنيات المتطورة بفعالية. ومن خلال دعم وتطوير مواهب الذكاء الاصطناعي، تعمل المملكة على تعزيز قدرات الأفراد في هذا المجال.
يتبنى برنامج تنمية القدرات البشرية في المملكة العربية السعودية نهجًا شاملًا يهدف إلى تعزيز مهارات الشباب في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. يبدأ البرنامج من مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يتم تأسيس قاعدة قوية ويُعاد تصميم المناهج التعليمية لتلبية احتياجات السوق، مما يوفر فرص التعلم المستمر في هذه المجالات لتمكين قادة المستقبل في المملكة.
لكن التركيز لا ينحصر فقط على المهارات التقنية، إذ تشمل المبادرات مثل إنشاء أكبر مركز للشركات الناشئة في المنطقة والبرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، توفير الموارد والبنية التحتية اللازمة لبناء منظومة مزدهرة للشركات الناشئة، خاصة تلك التي تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لتكون من بين أفضل البنى التحتية المتكاملة والمتقدمة تقنيًا في مجال الحوسبة السحابية وصناعة تقنية المعلومات، وتهدف إلى جعل الحوسبة السحابية ركيزة أساسية لدعم التحول الرقمي، وذلك ضمن سياستها المعروفة بـ”سياسة الحوسبة السحابية أولًا”، فإننا في شركتنا ORA ندعم هذه الجهود.
تماشياً مع استراتيجيتنا الداعمة للاقتصاد الرقمي في المملكة، قمنا بإطلاق منطقتنا السحابية العامة الثانية، بهدف تمكين المؤسسات السعودية من الاستفادة من إمكانياتها المتقدمة في تعزيز كفاءتها الإنتاجية، وتقليل تكاليفها، وتوسيع نطاق أعمالها. كما توفر هذه المنطقة السحابية المرونة والسرعة اللازمة لنشر تطبيقات وخدمات جديدة، مما يمكنها من التكيف مع التغيرات في السوق ومتطلبات العملاء بشكل أكثر فعالية وأمان.
كيف يسهم بناء القدرات في تسريع نمو ريادة الأعمال
تستثمر المملكة بشكل نشط في رأس المال الاستثماري ومبادرات دعم ريادة الأعمال، حيث تم تخصيص 8 مليارات دولار أمريكي لهذا الغرض في مايو 2024. هذا الدعم المالي يمكن أن يعزز نمو الشركات الناشئة الواعدة، مما سيؤدي إلى تحقيق مساهمات اقتصادية كبيرة.
تعمل المملكة على دعم جيل من رواد الأعمال القادرين على تطوير حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات القطاعين العام والخاص. يتم ذلك من خلال تزويد الشباب بالخبرات اللازمة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومبادئ الأتمتة، ومنهجيات علوم البيانات. تخيلوا الأثر الذي ستحدثه الشركات الناشئة التي تقود منصات التعلم المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تلبي احتياجات المجتمع.
أعلنت شركة Oracle عن إطلاق برنامج “مستقبلي”، الذي يهدف إلى تطوير مهارات 50 ألف مواطن سعودي في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة. تم تنفيذ هذا البرنامج بالتعاون مع شركة Future Work وتحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، حيث يسعى إلى تدريب وتأهيل 50 ألف مواطن سعودي لاستخدام أحدث التقنيات الرقمية المدعومة بالحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وإنترنت الأشياء، بحلول عام 2027.
تسعى المملكة العربية السعودية من خلال استثمارها في تطوير قدرات ومهارات المواطنين في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق أقصى استفادة من الإمكانيات المتاحة للاقتصاد الرقمي المتنامي. وتعتبر هذه البرامج بمثابة محفز لتحويل القوى العاملة في المملكة إلى قوة دافعة للابتكار والتنويع. كما أن تزويد المواطنين بأحدث المهارات الرقمية والتقنية يهيئ بيئة مثالية للموجة القادمة من ريادة الأعمال والابتكار والتقدم التكنولوجي في المملكة.